علي فهمي

- أخت

مرت علينا أيام عصيبة جداً. أمي كانت تبكي وأنا كنت أبكي وأبي كان يبكي، حتى أنه بقي أبي عدة أيام وهو يرفض أن يأكل شيء حيث كان عندما نطلب منه أن يأكل شيئ كان يصرخ "يا علي..يا علي..كيف لي أن آكل وأنت لست معنا..أنا بدي آكل من بعد عيونك يا ابني؟ " كان أمي، أبي، وأخي حسن يبحثون عنه. بحثنا كثيراً ولكن لم نستطع معرفة مكانه. سألنا الكثير والكثير من الناس ولكن لا إجابة. حتى في ذات يوم أتى لدينا بعض الأشخاص السوريين وقالوا لوالدتي أنهم يعرفون أين يوجد علي، فذهبت والدتي معهم إلى تدمر في سوريا حيث قالوا لها أن علي في داخل السجن. فذهبت لوحدها ورفضوا هم الذهاب معها والدخول إلى داخل السجن. حين دخلت بدأوا الحراس يصرخون بها سائلينها "ماذا تفعلين هنا؟ ماذا تريدين؟" فتجاوبهم بأن إبنها موجود داخل السجن، فكان ردهم المزيد من الصراخ. نكروا ما تقوله ومن ثم أجبروها على الرحيل. توفي شقيقه حسن منذ سنوات قليلة. توفيت والدته منذ 15سنة أما ابيه فتوفي قبلها بسنتين.
قبل أن يختفي علي بحوالي اسبوعين اشتريت ثياب لإبني الذي كان أكبر من علي ولكن كانوا متشابهين، فرآى علي الطقم (أي جاكيت وبنطلون) وعجبه وقال لي أن آتي بواحد له مثله فقلت له أنه يستطيع الحصول عليه وأعطيته إياه. وكان يرتدي هذا الطقم يوم اختفائه. أحد الذكريات هي عندما كنا صغار تشاجر علي مع أخته و هي أصغر منه سناً وضايقها فجاء أبي ورأى ما جرى فصاح بعلي وقال له أن يقبل يد أخته اعتذاراً. تفاجأ علي بهذا وقال له "كيف تريدني أن أقبل يدها وهي تصغرني سناً؟" فعندها لاحظ أبي أنه بالفعل علي هو الأكبر سناً بينه وبين أخته. هذه الذكرى تسرنا.